أولاً: تعريف الجغرافية الاقتصادية :
يستمد هذا الفرع تسميته كفرع من فروع الجغرافية من كل من علم الجغرافية والصفة من الاقتصاد , ولعل أول من أطلق هذه التسمية على هذا الفرع هو الجغرافي الألماني و . غوتز ( w.coyz) عام 1882م , وهناك العديد من التعاريف للجغرافية الاقتصادية
مكندر : هي العلم الذي يدرس إنتاج السلع وتوزعها .
جونز : هي العلم الذي يدرس العلاقة بين العوامل الطبيعية والظروف الاقتصادية ودراسة إنتاج الحرف والنشاط الاقتصادي .
الكسندر : إن الجغرافية الاقتصادية تشمل كل أنواع الأنشطة التي يقوم بها الإنسان في العالم وينتج عن ذلك إنتاج وتبادل واستهلاك سلع ذات قيمة وفائدة , وإن أي شيء يدفع الإنسان ثمناً له أو يسعى للحصول عليه , أو يعمل لكي ينتجه , يعد سلعة اقتصادية .
فالجغرافية الاقتصادية : تعني الدراسة لأنواع نشاط الإنسان على سطح الأرض لإنتاج وتوزيع موارد الثروة الاقتصادية واستهلاكها .
ولهذا المعنى فإن الجغرافية الاقتصادية تعد فرعاً من فروع الجغرافية البشرية , وهي أكثر تلك الفروع وضوحاً وتحديداً وأوسعها ميداناً وأغناها مادة وأكثرها مراجع , لأنها تتناول بالبحث والدراسة موارد الثروة الاقتصادية في أقاليم العالم المختلفة من حيث الإنتاج والتسويق والاستهلاك , كما تدرس المشكلات المتعلقة بتوزيع مظاهر النشاط الاقتصادي على سطح الأرض وعلاقاتها ببيئاتها الطبيعية , وهي تعنى بدراسة الحرف , كما أنها تتناول موارد الثروة الاقتصادية والطبيعية والبشرية كما تهدف إلى حصر موارد الثروة الاقتصادية في بيئات العالم , وتوضيح طرق الاستفادة منها واستثمارها استثمارا عقلانيا .
ثانياً : ماهية الجغرافية الاقتصادية :
المدرسة البرجوازية انطلقت من نظرتها المثالية الميتافيزيقية إلى الوجود حيث عدت الجغرافية الاقتصادية فرعاً من فروع الجغرافية البشرية .
- أما المدرسة الماركسية فقد انطلقت في تسميتها للشق الثاني من الجغرافية بالجغرافية الاقتصادية من نظرتها إلى الاقتصاد ودوره المهم في تطوير المجتمعات , وفي الوقت ذاته فإنها لا تنكر دور الإنسان , لأن العملية الاقتصادية تقوم على علاقة ترابطية بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج , وللعامل البشري الدور الحاسم في عملية التطور الاجتماعي .
تجدر الإشارة إلى أن تقسيم الجغرافية إلى طبيعية واقتصادية حسب أراء المدرسة الأوربية البرجوازية أو طبيعية أو اقتصادية حسب مؤيدي المدرسة الماركسية الشرقية , لايعني أبدا إقامة الحواجز بينهما لأن الواقع الحياتي للمجتمعات البشرية يفترض العكس , وإن العلاقة بين الجغرافية البشرية والاقتصادية علاقة جدلية دياليتكية , وهما وجهان لعملة واحدة .
ثالثاً : موضوعات الجغرافية الاقتصادية :
إذا صح بنا القول بأن الجغرافية الاقتصادية تشكل الركيزة الأساسية الثانية للعلوم الجغرافية مع شقيقها الجغرافية البشرية ( التي يعّدها كثير من العلماء الأم الحقيقية للجغرافية الاقتصادية ) فإن هذا الفرع الهام من الجغرافية قد تعرض للتطور والتبدل وخرجت عنه مجموعة من الأغصان التي أصبحت علوماً تفردت بموضوعاتها وهي كالآتي :
1 - جغرافية الزراعة :
تتناول دراسة العوامل الطبيعية والبشرية التي تؤثر في الإنتاج الزراعي والتي تجعله متبايناً من منطقة لأخرى , وتبحث كذلك في زراعة المحاصيل الزراعية وتوزعها الجغرافي والظروف المناسبة لها وتبين العلاقات المتبادلة بين العوامل المؤثرة في النشاطات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني , والتطورات التي أصابت الزراعة على الصعيدين التقني والعلمي , وهي تسعى جاهدة لصياغة مفاهيمها الداخلية , التي تعبر عن علاقاتها الداخلية , في قوانين يمكن الاستفادة منها عند دراسة الظواهر الزراعية وتبايناتها الإقليمية و المكانية , وتهتم جغرافية الزراعة , بعمليات نقل المنتجات الزراعية وتسويقها واستهلاكها .
وتتطرق جغرافية الزراعة لموضوعاتها المتباينة على المستويات الأربعة التالية :
أ - على مستوى الحقل الزراعي كوحدة أولية وأساسية في دراسة النشاطات الزراعية المتنوعة .
ب - على مستوى المزرعة التي تعد وحدة الدراسة الأساسية لما تلتقي فيها مجموعة العوامل المؤثرة في النشاطات الزراعية لمنطقة جغرافية مكونة من عدد من الحقول الزراعية .
ج - على مستوى الإقليم الذي تتجمع فيه منظومات متشابهة من العوامل المؤثرة في النشاط الزراعي لمجمل المزارع المكونة للإقليم الزراعي وعمليات النقل والتسويق .
د - على مستوى الدولة التي تتكون من الأقاليم الزراعية التي ترتبط مع بعضها بمنظومات متباينة من العوامل المؤثرة في النشاط الزراعي , وفي تنوع المحاصيل الزراعية وعمليات التسويق والاستهلاك . وتلعب سياسة الدولة الزراعية دوراً هاماً في تبدل وتطور موضوعات الجغرافية الزراعية ضمن الدولة ذاتها على المستويين الإقليمي والقطاعي .
2 - جغرافية الصناعة :
تتناول بالدراسة المناطق الصناعية , والتركيب الصناعي للمدن والعلاقات المتبادلة بين المناطق الصناعية والمدن الصناعية والمواقع الصناعية وكذلك توزع الخامات الأولية ومصادر الطاقة قوة العمل والخدمات وطرق النقل , ونؤكد على نقطتين هامتين :
أ - التباين الإقليمي الصناعي القائم على عوامل الطبيعة وعلى الاختلاف في درجات التطور الاقتصادي .
ب - التفاعلات والتأثيرات المتبادلة بين عناصر النشاط الاقتصادي واثر ذلك على الصناعة والإنتاج الصناعي .
3 - جغرافية النقل والتجارة :
تعد جغرافية النقل والتجارة أحد مكونات الجغرافية الاقتصادية التي كانت تعتمد على الزراعة والصناعة ,وقد نشأ نتيجة للتطور الكبير في كميات الاقتصاد العالمي , ونتيجة للنمو السكاني وتزايد عدد المدن الكبيرة ( المليونية ) , وبالتالي تكونت ضرورات اقتصادية واجتماعية وسياسية ومحلية و إقليمية وعالمية أدت إلى التوسع الكبير في شق الطرقات وتحسين شبكاتها وتعقدها وتنوع وسائل النقل داخل المدن وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية وبعد تحرر دول العالم النامي من الاستعمار الأوربي .
وأهم هذه الضرورات الآتي :
1 – الحاجة الكبيرة للمواد الأولية ومصادر الطاقة .
2- ضرورة تسويق كميات الإنتاج الضخمة وتوزيعها محلياً وعالمياً , والانتقال من مرحلة الاكتفاء الذاتي إلى مرحلة الاستهلاك العالمي , والتقسيم العالمي للعمل .
3- التوسع الكبير في وظائف المدن وتطور العلاقة وتشابكها بين المدن المركزية والإقليمية والأرياف المحيطة بها .
4- التطور الذي أصاب صناعات وسائل النقل بكافة أنواعها .
5- ظهور النقل الجوي
6- الاهتمام الشديد بتقنيات شق الطرق وهندستها وبناء السكك الحديدية والمطارات والموانئ
Cliquez ici pour modifier.